عاشوراء
في شهر محرم من كل عام يحتفل ملايين من المسلمين حول العالم بيوم عاشوراء في اليوم العاشر من الشهر و لكن يجهل الكثيرون سبب الإحتفال و مناسبته و في هذا المقال سنجيب على كل ما يخص هذا اليوم.
سبب التسمية
سُمي عاشوراء لأنه يوافق اليوم العاشر من شهر محرم الشهر الأول في السنة الهجرية.
ماذا يمثل يوم عاشوراء بالنسبة لليهود و سبب صيامه
في اليوم العاشر من شهر محرم نجّى الله سبحانه و تعالى نبيه موسى من بطش فرعون و جنوده. كان فرعون لعنه الله قد تجبر هو و جنوده و عاثوا فسادًا في الأرض. و كان فرعون قد نصب نفسه إلها يعبد لبني إسرائيل فلما نزل الوحي على سيدنا موسى حارب فرعون الدعوة الجديدة و آذى كل من آمن بها. فأتى أمر الله لسيدنا موسى أن يخرج هو و الذين آمنوا معه ليبعدهم عن آذى فرعون. لكن المتكبر في الأرض فرعون لم يرضى إلا أن يظل يستضعف هؤلاء المؤمنين فخرج خلفهم ليمنعهم و هنا حدثت المعجزة فما كاد يُدركهم حتى أمر الله تعالى سيدنا موسى عليه السلام أن يضرب للبحر بعصاه فانشق قسمين كل قسم جبل مائي عظيم فلما مر موسى و اصحابه، أراد الهالك فرعون أن يلحق بموسى فما كاد يمر هو وجنوده حتى عاد البحر كما كان و ابتلع فرعون و جنوده فغرق و يأتي الإعجاز الرباني أن فرعون قبل أن يدركه الغرق قال "آمنت بأنه لا إله إلا من آمنت به بني إسرائيل" فكان رد المولى عليه كما جاء في قرآننا "الآن و قد عصيت قبل و كنت من المفسدين" و جاءت الآية الآخرى فقد لفظ جسده البحر ليكون آيه و عِبره على جزاء كل متكبر أراد أن يحارب الله و رسوله.
فكان هذا اليوم بمثابة عيدًا لليهود يحتفلون فيه بنجاة نبي الله موسى و هلاك فرعون.
ماذا يمثل يوم عاشوراء للمسلمين و سبب صيامه
وقد وردت أحاديث كثيرة عن النبي في صيام يوم عاشوراء نذكر منها :
- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:(قدم رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - المدينة، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، نجّى الله فيه موسى وبني إسرائيل من عدوّهم، فصامه، فقال: أنا أحقّ بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه) أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، والبيهقي .
- عن الرُّبيع بنت معوِّذ رضي الله عنها قالت: (أرسل رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: من كان أصبح صائماً فليتمّ صومه، ومن كان مفطراً فليتمّ بقيّة يومه، فكنّا بعد ذلك نصومه، ونصوِّمه صبياننا الصّغار، ونذهب إلى المسجد، فنجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم أعطيناها إيّاه، حتى يكون الإفطار) أخرجه البخاري، ومسلم، وأحمد، وابن حبّان، والطبراني، والبيهقي .
- عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - أمر رجلاً من أسلم: (أن أذِّن في النّاس: من كان أكل فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم، فإنّ اليوم عاشوراء) أخرجه البخاري، ومسلم، والنّسائي، والدّارمي، وابن خزيمة، وابن حبّان، والبيهقي، والبغوي في شرح السّنة .
- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: (كان يوم عاشوراء يوماً تعظّمه اليهود، وتتخذه عيداً، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: صوموه أنتم)، وفي رواية لمسلم: (كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء، يتّخذونه عيداً، ويلبسون نساءهم فيه حليّهم وشارتهم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فصوموه أنتم) أخرجه البخاري ومسلم.
هل صيام يوم عاشوراء فرض على المسلمين؟
كان النبي صلى الله عليه وسلم قد امر بصوم عاشوراء لما رأى اليهود يفعلوا و قال نحن اولى منهم بنبي الله موسى فلما نزل رمضان و التكليف بصومه ترك النبي أمر صوم عاشوراء أختياري فمن شاء صامه و من شاء أفطر. و قد وردت في ذلك أحاديث نذكر منها :
- عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان عاشوراء يصام قبل رمضان، فلما نزل رمضان كان من شاء صام، ومن شاء أفطر)، وفي رواية: (كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يصومه في الجاهلية، فلمّا قدم المدينة صامه، وأمر بصيامه، فلمّا فرض رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه) أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وأحمد .
- عن عائشة رضي الله عنها: (أنّ قريشاً كانت تصوم عاشوراء في الجاهليّة، ثمّ أمر رسول الله بصيامه، حتّى فرض رمضان، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من شاء فليصمه، ومن شاء فليفطره) رواه مسلم، وفي رواية للبخاري: (كانوا يصومون عاشوراء قبل أن يفرض رمضان، وكان يوماً تستر فيه الكعبة) أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي.
- عن حميد بن عبدالرحمن أنّه سمع معاوية رضي اللَّه عنه يقول: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يقول: (هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب الله عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن شاء فليصم، ومن شاء فليفطر) أخرجه البخاري، ومسلم، والنّسائي، وابن حبّان .
- عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يأمر بصيام يوم عاشوراء، ويحثّنا عليه، ويتعاهدنا عنده، فلما فرض رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا، ولم يتعاهدنا عنده) أخرجه مسلم، وأحمد، وابن خزيمة .
فضل يوم عاشوراء
و قيل في فضل هذا اليوم أنه تكفير للصغائر كما جاء على لسان إبن تيمية رحمه الله و قد وردت أحاديث للنبي صلى الله عليه وسلم في فضل هذا اليوم نذكر منها :
- عن أبي قَتادة رضي الله تعالى عنه، عن الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - قال: (صوم عاشوراء يكفِّر السّنة الماضية، وصوم عرفة يكفِّر سنتين: الماضية والمستقبَلة) رواه النَّسائي في السّنن الكبرى.
- وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال: (ما رأيت النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - يتحرّى صيام يومٍ فضَّله على غيره إلا هذا اليوم، يوم عاشوراء، وهذا الشّهر، يعني شهر رمضان) رواه البخاري، ومسلم، والنَّسائي، وأحمد.
- جاء في صحيح مسلم: (أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلم - سئل عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: يكفّر السّنة الماضية).
- عن عبد الله بن أبي يزيد، أنّه سمع ابنَ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما، وسُئل عن صيامِ يومِ عاشوراءَ، فقال: (ما علمتُ أنَّ رسولَ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - صام يومًا، يطلُبُ فضلُه على الأيّامِ، إلا هذا اليومَ. ولا شهرًا إلا هذا الشهرَ، يعني رمضانَ) رواه مسلم، وفي لفظ: (ما رأيت النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - يتحرّى صيام يوم فضّله على غيره إلا هذا اليوم: يوم عاشوراء..) أخرجه البخاري، ومسلم، والنّسائي، وأحمد.
- عن أبي قتادة رضي الله عنه، أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال: (صيام يوم عاشوراء، أحتسب على اللَّه أن يكفر السّنة التي قبله) أخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذي، وأحمد، والبيهقي .
حكم صيام يوم قبل عاشوراء و سببه
و قد ورد في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد من ذلك مخالفة اليهود فقال أن سيصوم يوم قبل اليوم العاشر مخالفة لليهود و يسمى هذا اليوم بتاسوعاء و صومه سنة مؤكدة.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لَمَّا صام يوم عاشوراء قيل له: إن اليهود والنصارى تعظمه، فقال: «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ»، قَالَ ابن عباس: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ. أخرجه مسلم في "صحيحه".
جزاك الله خير الجزاء
ردحذف